
صعدة اليمنية.. كيف أصبحت في دائرة الاستهداف؟ الكاتب | أنور العنسي بتركيز عال و…
الكاتب | أنور العنسي
بتركيز عال وتكثيف شديد تنهال الضربات الصاروخية الأميركية، بشكل خاص، على محافظة صعدة، شمالي اليمن، وهو أمر يلفت الأنظار، ويطرح الكثير من الأسئلة بشأن أهمية صعدة الجيوسياسية لدى كل الأطراف المعنية… اليمن أولا، والجارة السعودية، تاليا، التي تقع صعدة عند خاصرتها الجنوبية، ثم إيران التي جعلت من “المتمردين” في صعدة خازوقا وذراعا ومخلبا، وأخيرا الولايات المتحدة التي تعتقد اليوم أن سلوك “جماعة الحوثيين الإرهابية” كما تقول، خرج عن سيطرة اليمن والإقليم وأخذ يهدد أمن العالم، ويوجب التدخل بكل الوسائل لإنهاء هذا التمرد.
محافظة صعدة هي كذلك بالأهمية ذاتها بالنسبة للحوثيين الذين يتخذون من جبالها وكهوفها معقلا لقيادتهم السياسية والعسكرية، وموئلا لترسانة أسلحتهم، وملاذا في حال اشتد الخناق عليهم تحت أي ظرف.
منذ تأسيس “الجمهورية” في اليمن، بعد قيام ثورة 26 سبتمبر/أيلول عام 1962 ضد حكم الإمامة، ظلت صعدة من الناحية الفعلية خارج سيطرة الحكومة المركزية في صنعاء، العاصمة اليمنية، تأخذ من قوانين الدولة وأنظمتها وخدماتها العامة ما يعجبها كالهوية والبطاقة الشخصية وجواز السفر والمنح الدراسية وغير ذلك، وترفض ما ترى أنه لا يُلزمها كالاحتكام لسلطات الأمن والقضاء لحل النزاعات، وتفضل بدلا عن ذلك اللجوء، في الغالب، للأعراف والتقاليد الاجتماعية والقبلية وقدر من النصوص الشرعية.
عرفت صعدة حروبا شتى خلال قرن مضى، حروبا قبلية داخلية، وأخرى مع المركز في العاصمة، ومن أهمها تلك التي جرت بعد سقوطها عام 1969 بأيدي القوات الإمامية، بعد مقتل محمد بن عبدالله بن الحسن بن يحيى حميد الدين، الذي قتل في مدينة صعدة، بعد 4 سنوات من قيام ثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بحكم “آل حميد الدين”.
استنزفت استعادة صعدة في ذلك الحين الكثير من إمكانات النظام الجمهوري الوليد، ثم خلال العقد الأخير من حكم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
وبدت صعدة دائما في معظم تاريخها مع “المركز” مستعصية على كل محاولات إدماجها بالنظام السياسي للبلاد، وفي رأي البعض من أبنائها “إما أن تحكم اليمن أو لا يحكمها أحد”.
ساعدها على كل ذلك بعدها النسبي عن العاصمة التي تمركزت فيها وحولها جيوش الدولة، واحتماؤها بتضاريس شديد الوعورة وبمجتمع قبلي صلب ومعقد التكوين، وبوفرة السلاح الذي تشتهر به أسواقها المحلية وبتجارها البارعين الذين جاب (بعضهم) عددا من دول الاتحاد السوفياتي السابق المنهارة لجلب السلاح من أسواقها السوداء، وإعادة تدويره في الداخل وبيعه لبعض القوى المتحاربة في دول الجوار الأفريقي المضطربة.
إلى جانب كل ذلك ترسخ (المذهب الزيدي) في عقل ووجدان الكثير من رجال صعدة الأشداء ونسائها صعبات المراس لا كمذهب بل كعقيدة لا يضاهي صوابها في رأيهم صواب أي دين آخر أو مذهب.
من أين جاء حوثيو صعدة؟
من مكان قَصِي في مديرية “مران” الجبلية في المحافظة النائية عن عاصمة اليمن الفقير تغذت صعدة أولا بالمال والسلاح من حرب المعسكرين الجمهوري والملكي في ستينات القرن العشرين الماضي، وبعدها ثانيا باستثمار الجوار مع السعودية التي فتحت أبوابها أمام أبنائها للعمل بكل يُسر وسهولة لدرجة أن الريال السعودي أصبح منافسا بقوة للعملة الوطنية في أسواقها، وثالثا باستمرار وتكرار الحروب بينها ونظام حكم الرئيس السابق صالح الذي أدت هجماته على صعدة إلى استنفار قبائل صعدة ووقوفها إلى جانب الحوثيين ليس بالضرورة تأييدا لهم، ولكن دفاعا عن أمنهم الذي تأثر بفعل تلك الحروب.
المقال كاملا على الرابط في أول تعليق👇
بران برس
شبكة المسند اليمنية
المسند نيوز
https://barran.press/articles/topic/8683