الصحافة اليمنية

كتابات برّان | لماذا التوثيق يُرعب الحوثيين؟ الكاتب | صهيب المياحي يرتعد الحوث…

كتابات برّان |
لماذا التوثيق يُرعب الحوثيين؟

الكاتب | صهيب المياحي

يرتعد الحوثي من الكاميرا، كأنها كائن حي يكشف المستور ويوقظ الضمائر. فحين تغيب العدسة، تنشط آلة القمع، وتتحول المساحة التي لا تراها الكاميرا إلى مسرح مفتوح لكل أشكال الانتهاك. الكلمة قد تُحرّف، والصوت قد يُسكت، أما الصورة فهي شهادة لا يمكن إنكارها، ولذا يعمل الحوثي بكل ما أوتي من بطش على إطفاء الضوء ومنع التوثيق، لأنه يدرك أن صورته الحقيقية، حين تظهر، لا تشبه تلك التي يروّجها في دعايته السوداء.

في المناطق المختطفة، حيث يحكم الحوثي قبضته لا شيء يبدو كما هو. تسود حالة من التعتيم الممنهج، والرقابة الصارمة على كل ما يمكن أن يشير إلى حقيقة ما يجري على الأرض. المفارقة تكمن في أن حجم الجرائم التي تُرتكب هناك يفوق ما يصل إلى الإعلام أضعافًا مضاعفة، إذ لا يُسمح لأي كاميرا أن ترصد، ولا لأي صحفي أن يروي، ولا لأي شاهد أن ينجو. لقد أصبح التصوير في تلك المناطق جريمة، لا لأنها تخالف القانون، بل لأنها تُعرّي الحوثي من كل ما يرتديه من شعارات، وتكشف وجهه الحقيقي: وجه الجلاد الذي لا يطيق أن يُشاهَد وهو يمارس القتل.

ما يرتكبه الحوثي من انتهاكات في حق المدنيين، ليس عابرًا ولا عشوائيًا، بل سياسة منهجية تهدف إلى كسر إرادة الناس، وتحطيم ما تبقى من كرامة المجتمع. يفرض على الناس أن يعيشوا في صمت مطبق، لا يُسمع فيه سوى صوته هو، ولا يُرى فيه سوى صورته هو، ولا يُبث فيه سوى ما يخدم روايته الأحادية. يمنع الكاميرات لأنها تكشف المقابر الجماعية، وتوثّق تعذيب المختطفين، وتفضح الاستيلاء على بيوت المدنيين ونهب ممتلكاتهم، وتُظهر للملأ كيف يحوّل المدارس إلى مخازن للسلاح، والمساجد إلى منابر للكراهية، والمستشفيات إلى ثكنات.

منع التصوير وتجريم التوثيق، ليس إلا امتدادًا لطبيعة الحوثي كجماعة مغلقة، تتغذى على القمع وتخاف من الحقيقة. فلو كانت مشروعًا وطنيًا كما تدّعي، لما خشيت أن تُرى، ولما منعت الصورة من أن تُنشر، ولما لاحقت المصورين بالاختطاف والتعذيب والتصفية. الحقيقة المؤلمة هي أن الحوثي لم يكن ليجرؤ على ارتكاب كل هذه الجرائم لولا صمت كثيرين، وتواطؤ آخرين، وتخاذل المجتمع الدولي، الذي ما زال يتعامل معه كطرف سياسي، بينما الواقع يثبت، كل يوم، أنه كيان مسلح يتبنى الإرهاب منهجًا، ويعيد إنتاج الطغيان تحت عباءة دينية زائفة.

تكملة المقال على الرابط في أول تعليق👇


بران برس
شبكة المسند اليمنية
المسند نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى