
كتابات برّان| دعوة لميثاق إنقاذ جديد.. الوحدة الإنسانية اليمنية التي شوهها الساس…
دعوة لميثاق إنقاذ جديد.. الوحدة الإنسانية اليمنية التي شوهها الساسة
الكاتب | توفيق الحميدي
في الثاني والعشرين من مايو من كل عام، تمرّ ذكرى الوحدة اليمنية، لا كما حلم بها اليمنيون، بل كما أُفرغت من معناها؛ طيفًا باهتًا يتسلل في صمت، كزائر ليل غريب لا يستدعي ذاكرة ولا يبعث احتفاء. كانت الوحدة قارب نجاة يمنيًا، عبَر به الشعب شمالًا وجنوبًا إلى أفق الأمل، قبل أن تختطفه أيادي النخب الفاسدة، وتُغرقه في مستنقعات الفساد والتشظي.
لم تكن الوحدة يومًا حدثًا إداريًا أو منّة سياسية، بل كانت في أصلها جوهرًا وجوديًا وإنسانيًا، استجابة لصوت التاريخ، وتطلعات الناس إلى وطن لا تمزقه خطوط التقسيم ولا تعرّيه حسابات السلطة. لكنها اليوم تبدو باهتة، محمّلة بالخسارات، بعد أن شوهها قادة لم يدركوا معناها، وجعلوا منها ساحة غنائم بدل أن تكون مشروع بناء.
في وعي الإنسان اليمني، لم تكن الوحدة قرارًا سياسيًا، بل حالة شعورية خالصة؛ شعور بالاكتمال حين يرى أرضه متصلة، متعانقة، لا تفصلها “براميل” التشطير ولا الجدران النفسية. اليمني وحدوي بالفطرة، يتشارك مع أخيه في اللهجة والموروث والدين والمصير. من عدن إلى صنعاء، ومن تعز إلى حضرموت، كانت الوحدة تعبيرًا عن انتماء جغرافي وروحي مشترك، لا مجرد خط في اتفاقية.
وحين أعلن علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض، في 22 مايو 1990، قيام الجمهورية اليمنية، بدا اليمنيون كأنهم طووا صفحة طويلة من التشظي والاحتراب. لكن هذا الإعلان، الذي حُشدت له المعززات التاريخية والدينية، تحوّل لاحقًا إلى مشروع هيمنة لا شراكة، وُلد في لحظة استثنائية، دون أن يُؤسّس له على قواعد مؤسسية عادلة.
دخلت الوحدة اليمنية معركة الدستور منذ يومها الأول، معركة لم تكن بين رؤى دستورية، بل بين مناكفات أطراف أحدها أراد نظامًا مدنيًا عادلًا، وآخر أراد تأبيد السلطة، فحضر الجميع في النقاش وغاب الوطن. فشل الجميع في الاتفاق على قواعد تحكم العلاقة بين المركز والأطراف، وبدأ التنازع على السلطة يغلب روح الوحدة.
في عام 1994، سقطت آخر أحلام الشراكة عندما تحولت الحرب الأهلية إلى “انتصار للوحدة”، لكنها في جوهرها لم تكن سوى فعل استبدادي مغلّف بشعارات قومية. السلطة احتكرتها نخبة أسرية من مركز واحد، والثروة وُزعت حسب الولاء لا الاستحقاق، والمشاركة كوفئت بالصمت أو النفي.
اختُزلت الوحدة في شخوص وامتيازات، وتم إعادة إنتاج الدولة كأداة للغنيمة. مارس صالح حكمه على قاعدة “أنا الدولة، وأنا الدستور”، وقسّم الجيش، ودمّر القوى المستقلة، وحوّل الأحزاب إلى أدوات للترضية. المظهر الديمقراطي كان موجّهًا للخارج، بينما الداخل يدار بالفهلوة السياسية.
للمقال بقية تجدونها على الرابط في أول تعليق👇
بران برس
شبكة المسند اليمنية
المسند نيوز
https://barran.press/articles/topic/9451