الصحافة اليمنية

كتابات برّان | المناظرة التي طأطأت رأس الإمامة في التاريخ! الكاتب | توفيق السام…

كتابات برّان |
المناظرة التي طأطأت رأس الإمامة في التاريخ!

الكاتب | توفيق السامعي

ما أشبه الليلة بالبارحة.. انقلب الإماميون الجدد على الحوار الوطني الذي استمر عاماً كاملاً في صنعاء بين مختلف القوى اليمنية ومكوناتها، ومضوا في سبيل الإرهاب والقتل وفرض فكرهم بالحديد والنار؛ فكل حوار هو تهديد لهم، وتقزيم لفكرهم، ودحض لحججهم، وتعرية لمشاريعهم.

ثمة حقيقة ساطعة سطوع الشمس في التاريخ اليمني، وطيلة صراع اليمنيين مع الإمامة عبر مراحل التاريخ المختلفة، تتمثل هذه الحقيقة في أن الإماميين -مهما بلغ علمهم وحججهم ومنطقهم وادعاءاتهم العلمية- أعجز من أن يناظروا غيرهم من علماء السنة اليمنيين بحجة المنطق السليم والحوار الرشيد؛ لأنهم لا يستطيعون الوقوف في وجوههم، ولا تقوى حججهم على المواجهة العلمية المهنية والمنهجية، حتى وإن كانت مراءً، لذلك لا يحاورون ولا يجاورن، فيلجأون لفرض أفكارهم بقوة الحديد والنار والإرهاب.

في إطار مذهبهم الداخلي، ومكونهم الهاشمي الإمامي نعم عقدوا بعض المناظرات، وإن كانت من باب مناظرات الإكراه والتغلب والاستعراض الذي لا يقوم على الحجة بل على الإرهاب والتعبئة والتبعية، وأشهر تلك المناظرات، وإن كانت غير مهنية ولا علمية ولا متكافئة مناظرة الإمام السفاح عبدالله بن حمزة مع المطرفية، والتي حدد هو أجندتها وميدانها ونتائجها واستحقاقاتها وشروطها؛ فقد اشترط عليهم إن غلبهم أن يقتل رجالهم، ويسبى نساءهم، وييتم أطفالهم، ويهدم دورهم، ويغنم أموالهم!

إنها جرائم تاريخية فادحة لم يكن لها مثيل بين العرب ولا المسلمين، وربما حتى بين البشرية جميعاً، حتى أنه بعد تلك المناظرة كفّرهم، واستباح دماءهم، وقتل منهم مائة ألف رجل، كما جاء في السير وكتب التاريخ، حتى وإن كان الرقم مبالغاً فيه إلا أنها تظل من أبشع الجرائم في التاريخ اليمني من قبل هذا الإمام، كما سبى نساءهم وذراريهم وهدم بيوتهم، وشرد من لم يصل إليهم!

إن الأبشع من ذلك كله أنه كتب إلى كل عماله في مناطق حكمه أن يتتبعوا كل من يشتبه أنه مطرفي ويقتلونه إما جهراً وإما غيلة (اغتيال).
بل إنه تفنن في ارتكاب البشاعات بحقهم، والسبب أنهم أجازوا أن تكون الإمامة في غير البطنين لا أكثر، فاختلق لهم كل تهمة، ووصمهم بكل جريمة، وشوههم بكل نقيصة، ومن أكبر الكبائر التي ارتكبها بحقهم أيضاً أنه كان لا يعفو عن أحد منهم حتى لو أظهر اعتقاد الإمام نفسه، فإنه يشك فيهم ويقول: “إنما هروباً من السيف والقتل”!
فقد جاء في سيرته: “ولما تمكن الإمام –عليه السلام- من قتلهم أمضى فيهم حكم الله تعالى، وقال: أريد أن أجعلها سنة باقية يعمل بها من قام ودعا من أهل البيت فيما بعد إن شاء الله تعالى. وأتى برجل إلى حوث، وهو من أكثرهم فساداً وأخبثهم اعتقاداً، وهو معدود عندهم في العلماء يقال له حسان بن نعمة، فأمر الإمام –عليه السلام- به فضربت عنقه”( السيرة المنصورية: صـ847).

كان عبدالله بن حمزة يرى عدم منازعتهم الإمامة مطلقاً من غير البطنين، وقعَّد لذلك قواعد القتل والاستحلال للدماء في أنه يجب محاربته وقتله، كما أفتى بذلك، واعتبر أن من قتل “دعياً” فإنه يتقرب إلى الله بدمه، وأنشأ قصيدة في حق نشوان الحميري وبنيه جاء فيها:
أما الذي عند جدودي فيه فيقطعون لُسْنَه من فيه
إذ صار حق الغير يدعيه ويؤتِّمون ضحوةً بنيه( )

وحينما تغلب هذا الإمام السفاح على الجزء الأعلى من اليمن ودخوله صنعاء عام 599هـ، أيام اضطراب الدولة الأيوبية وضعفها، كان أول من أدخل صيغة “حي على خير العمل” في الأذان إلى صنعاء عبر التاريخ؛ إذ أنه لما دخل صنعاء “أقيمت الجُمَع وأُذِّن بحي على خير العمل مع كراهة الجند لذلك”، ولأول مرة يفرض المذهب الهادوي على صنعاء في تلك الأثناء، فقد كانت اليمن إما مالكية أو حنبلية وقلة شافعية، ولم يكن قد اتُّخذ المذهب الشافعي مذهباً رسمياً للبلاد إلا في عهد الملك المنصور نور الدين عمر بن علي رسول.

فرض المذهب الهادوي بالقوة، كما تفعل الحوثية اليوم من إحلال لذات المذهب المخلوط بالإثنى عشرية الخمينية، وتم التضييق على السنة، ولم تكن الهادوية لها وجود قبل ذلك إلا نادراً؛ لكون الهادي الرسي لم يستقر في صنعاء، فقد كان يتم إخراجه فور دخولها ولم يقر له قرار فيها، ولم يستطع فرض مذهبه بالقوة كما فعل السفاح عبدالله بن حمزة.

بناءً على ذلك المذهب وتوسعه في صنعاء، وجد بعض أدعياء العلم من الهادوية ممن كرسهم ابن حمزة ومن نشأوا بعده، وعلمهم لم يكن شاملاً كاملاً بل كما هو اليوم علم في إطار مذهبهم وسلالتهم؛ علم الولاية والبطنين وأنهم أصحاب القرآن، وأنه لا يفسر إلا من سلالتهم، ولا يؤخذ العلم من طرقهم، فأرادوا أن يستظهروا على السنة بهذا العلم لكنهم ينهزمون لكونه محصوراً في سلالة وفي مذهب.

تكملة المقال عبر الرابط في أول تعليق👇


بران برس
شبكة المسند اليمنية
المسند نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى