الصحافة اليمنية

كتابات برّان | مأرب بجناحيها الكاتب | عبدالرزاق أحمد الموساي حين اجتاح الحوثي …

كتابات برّان |
مأرب بجناحيها

الكاتب | عبدالرزاق أحمد الموساي

حين اجتاح الحوثي البلاد، تمسك كثيرون بمصالحهم، واختاروا السلامة، ولزموا البيوت. أما الأحرار، فقد شدوا الرحال إلى مأرب، تاركين منازلهم وذكرياتهم، وسكبوا دماءهم دفاعًا عن الجمهورية. لم ينتظروا جزاءً ولا شكورًا، لأنهم أبناء المبدأ، وإخوة النضال. مأرب اليوم وطنهم، كما هي وطن أبنائها.

لولا صمود النازحين، ونضالهم وتضحياتهم، لما بقيت مأرب صامدة حتى اليوم. لم تكن لتكون كما هي اليوم: الرقم الكبير الذي لم ولن يُكسر. قولوا للنازحين بشجاعة المنصفين: أنتم السبب في بقاء مأرب وصمودها وثباتها. لن يسلبكم ذلك من مجدكم شيئًا. أنتم أهل المروءة ومدّاحة الخصوم، فكيف بالرفاق؟

عنفوان القبيلة وصمودها ليسا عامل الثبات الوحيد، كانت المسألة أعمق، وموازين القوى لم تكن متكافئة، وهذا لا ينقص من أحد، بل يؤكد على أهمية الأوائل الذين ثبتوا وقاتلوا وساندوا. الوفاء واجب، والاعتراف بالدور المشترك هو أساس البناء العادل.

ستعود صنعاء إلينا مجددًا مهما طال اختطافها، وسيعود النازحون من مأرب إلى قراهم ومنازلهم فاتحين ومنتصرين. وستبقى هذه السنوات تاريخًا يُحكى، ومجدًا يُلهم الأجيال. حافظوا يا أبناء مأرب على إرثكم ومجدكم، لا تصوّبوا سهامكم نحو من شارككم التضحية. لا تجمعوا عليهم مرارتين: مرارة الفداء، ثم مرارة النكران. فمن قدّم روحه لا يليق أن يُقابل بالتجاهل، ومن صبر في زمن الخوف لا يستحق إلا الثناء والإنصاف والاعتراف.

يجب أن يعرف المأربيون يقينًا أن مأرب وُلدت في مطلع الثمانينيات، لكنها لم تُبعث حيّة إلا بعد 2016. لم يصنعها أبناؤها وحدهم. فقد عانت قبل ذلك طويلاً من التعقيدات القبلية والاجتماعية، وظلّت شبه مشلولة، أسيرة صراع أقطاب الكُبّاره وزعماء النفوذ، وطبيعة المجتمع القبلية.

لم تكن مأرب لتصبح عاصمة المقاومة والتنمية بهذه الفرادة على مستوى اليمن، لولا جناحها الآخر. وجود النازحين هو ما جعل ذلك ممكنًا. أربعون عامًا ومأرب تنتظر لحظة النهوض، ولم تستطع النهوض لأن شيئًا كان ناقصًا، وقد وُجد ذلك النقص أخيرًا. نحن نعرف بعضنا بعضًا، ونعرف ما نجيد وما لا نجيد، والحياة المدنية ليست من ميراثنا.

كان بإمكان أبناء مأرب أن يلزموا بيوتهم بعد أن سقط الجيش، ويقبلوا وعود الحوثي الكاذبة التي خدع بها أغلب مشايخ اليمن: “نعبر الخط الأسود”.

لكنهم لم يتسيّسوا، ولم يساوموا، ولم يرضوا بالغدر ببعضهم، حتى حين هددهم الطيران بالقصف لم يتراجعوا رغم الخوف الكبير. سقطت كل محاولات الحوثي لزرع الفرقة بينهم، وبقيت مأرب عصيّة موحّدة. لن نغبط الكريم ونساوي بين من قعد ومن قام. يستحق أبناؤها أن نضعهم في المكانة التي تليق بهم. ليس تعصبًا، بل إنصافًا وعدلًا.

حين انهارت الجمهورية بجيشها ومدنها، لم يتصدر للقتال ويدخل بين أنياب الغول إلا أبناء مأرب، قبل العاصفة وقبل أي شيء آخر. رغم أن العدو كان في أوج قوته، وبحسبة المصالح وتقديرات الساسة، كانت مصلحتهم في الخضوع وتقديم صوت العقل والحفاظ على الدماء، كما قام بعض السياسيين بذلك. لكنهم اختاروا الخيار الأصعب وقرروا المواجهة. هذه العزيمة يجب أن يشيد بها المنصفون، لا أن يُحاولوا تقليلها وتحجيمها. البلاد في ذلك الوقت كانت تحتاج لمثل هذه العزيمة، وهذا ما صنعوه.

تكملة المقال عبر الرابط في أول تعليق👇


بران برس
شبكة المسند اليمنية
المسند نيوز

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى