
كتابات برّان | الانتصار الرمزي في العقل الشيعي.. كيف تتحوّل الهزائم إلى فتوحات؟…
الانتصار الرمزي في العقل الشيعي.. كيف تتحوّل الهزائم إلى فتوحات؟
الكاتب | عبدالله اسماعيل
العقل الشيعي، بنسخته السياسية الثورية كما تمثّله ولاية الفقيه في إيران، يتغذى على مفهوم “الانتصار الرمزي” بوصفه بديلاً عن النصر الواقعي الميداني، وهذا ليس أمرًا طارئًا، بل بنية ذهنية متجذّرة، تضرب جذورها في خطاب المظلومية التاريخية، وتُعيد إنتاج الفقد والهزيمة على هيئة بطولات، وتُسبغ على الانكسار هالة من القداسة.
كربلاء.. النكسة المُؤسِّسة
في وجدان الشيعة الاثني عشرية، تُعدّ واقعة كربلاء سنة 61هـ (680م) لحظة التأسيس المركزي للهويّة الشيعية، فرغم أن الحسين بن علي قُتل ومعه العشرات من أهل بيته وأصحابه، وتم سحل جثثهم، وسُبيت نساؤهم، إلا أن الحدث لم يُصوَّر كهزيمة عسكرية أو انهيار سياسي، بل أُعيدت صياغته على مدى قرون باعتباره “أعظم نصر أخلاقي في التاريخ”.
هذا الفهم يظهر جليًا في قول المرجع الشيعي محمد مهدي شمس الدين:
“الحسين لم يُقتل، بل انتصر على يزيد.. كربلاء كانت لحظة انتصار على الظلم، حتى وإن بدا فيها الحسين مهزومًا في الظاهر”. (من كتاب الثورة الحسينية في الوجدان الشيعي).
ويؤكد المرجع الشيعي مرتضى مطهري في كتابه الملحمة الحسينية:
“الناس يرون أن الحسين خسر المعركة، لكن الثورة لا تُقاس بالنتائج العسكرية، بل بالأثر الروحي والبُعد الرمزي”.
وبدلاً من مساءلة خيارات الحسين السياسية أو حساب نتائجها الواقعية، حوّلت المدرسة الشيعية الحدث إلى ملحمة فداء أبدية، تجعل من القتل انتصارًا، ومن العجز مشروع مقاومة لا ينتهي.
الهزائم الحديثة.. نسخة مكرّرة من كربلاء
ما نشهده اليوم من احتفالات إيران ومن يدور في فلكها بعد كل هزيمة أو ضربة عسكرية قاصمة، ليس سوى نسخة محدّثة من ذلك النمط الكربلائي، فعندما استهدفت إسرائيل القيادات الإيرانية في سوريا، أو قصفت المنشآت النووية في نطنز وأصفهان، أعلنت طهران أن “العدو فشل في كسر الإرادة”، واعتبرت الصمت عن الرد تكتيكًا إستراتيجيًا!
وعند اغتيال قاسم سليماني، قال المرشد الإيراني علي خامنئي: “استشهاد سليماني نصر عظيم، فقد وحّد الأمة، وجعل من دمه شعلة لن تنطفئ” (خطاب 3 يناير 2020)، بينما الحقيقة هي أن الرجل قُتل في عملية دقيقة بلا أي رد نوعي بعدها.
الإنكار كآلية دفاع
ما يُغذي هذا السلوك ليس فقط الخطاب الديني، بل أيضًا آلية نفسية يُطلق عليها “الإنكار الجمعي”، بحسب علم النفس السياسي، فالنظام الإيراني، وأذنابه العقائدية، عاجز عن الاعتراف بالفشل، لأن الاعتراف يعني سقوط أسس شرعيته التي تقوم على ولاية منصوصة من الله، وعلى مشروع إلهي لا يُهزم.
في كتاب ولاية الفقيه للخميني، نقرأ: “الفقيه لا يخطئ لأنه ينوب عن المعصوم، فإذا أخطأ الناس، فهو لا يخطئ، لأن الله يؤيّده”، وبالتالي، يصبح من غير الممكن الاعتراف بالهزيمة، لأنها تتناقض مع العصمة السياسية المُفترضة.
تكملة المقال على الرابط في أول تعليق👇
بران برس
شبكة المسند اليمنية
المسند نيوز
اكيد
https://barran.press/articles/topic/9963